أحد الموظفين الحكوميين تلقى حكمًا من محكمة الاستئناف الإدارية يقضي برفض دعواه في نزاع يتعلق بحقوقه الوظيفية. شعر أن الحكم جانبه الصواب لأنه تجاهل دفوعًا جوهرية، ولاحظ أن المحكمة لم تُطبّق نصوص النظام كما يجب.
هنا برز أمامه خيار حاسم هو الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في السعودية، باعتباره الطريق القانوني الأخير لمراجعة الحكم.
هذه الحالة ليست فردية؛ فكثير من الأفراد والجهات يجدون أنفسهم أمام أحكام نهائية يرون فيها مخالفة للشريعة أو النظام، وهنا يبرز دور المحكمة الإدارية العليا كضمانة أساسية لتحقيق العدالة وصون الحقوق.
يمكنك التواصل مع محامي إداري عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في السعودية
يمثل طعن أمام المحكمة الإدارية العليا المرحلة الأخيرة في النظام القضائي الإداري، وهو طريق استثنائي لا يُقبل إلا وفق ضوابط محددة نص عليها نظام المرافعات أمام ديوان المظالم.
الطعن هو طلب يُقدَّم لإلغاء حكم صادر من محكمة الاستئناف الإدارية إذا انطوى على مخالفة للشريعة أو النظام، أو شابه قصور أو فساد في أسبابه.
أبرز ما يميز طعن أمام المحكمة الإدارية العليا:
- وسيلة لمراجعة الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية.
- لا ينظر في وقائع الدعوى، بل يقتصر على التحقق من سلامة تطبيق النظام.
- يشترط أن يُرفع بصحيفة مكتوبة خلال 30 يومًا من استلام الحكم.
- لا يقبل إلا في حالات محددة: مخالفة الشريعة، التعارض مع الأنظمة، تجاوز الاختصاص، فساد الحكم.
إذن، فالطعن أمام محكمة الإدارية العليا ليس مسارًا اعتياديًا لإعادة التقاضي، بل هو أداة رقابية عليا لضمان استقرار الأحكام الإدارية وانسجامها مع الشريعة والأنظمة النافذة.
الشروط النظامية لقبول طعن أمام المحكمة الإدارية العليا
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يُعد مرحلة دقيقة وحاسمة، فهو لا يُقبل إلا عند توافر شروط نظامية محددة لضمان عدالة الأحكام وعدم إطالة أمد النزاعات بلا مبرر.
أهم الشروط النظامية لقبول الطعن:
- أن يكون الحكم المطعون فيه متضمناً مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المرعية.
- أن يظهر فيه تعارض مع أحكام قضائية سابقة صادرة من المحكمة نفسها.
- أن يصدر الحكم من محكمة غير مختصة أو تجاوزت حدود ولايتها.
- أن يعتري الحكم فساد في التسبيب أو قصور في أسبابه.
- أن يُقدَّم الطعن خلال المهلة النظامية المقررة وهي 30 يومًا من استلام نسخة الحكم.
وبهذا، يتضح أن المحكمة الإدارية العليا لا تُعنى بإعادة النظر في وقائع الدعوى، بل تركز على التحقق من سلامة الحكم من الناحية الشرعية والنظامية، مما يجعل الطعن أمامها وسيلة دقيقة تحفظ استقرار العدالة وتوحيد الاجتهاد القضائي.
ومن هنا يبرز التساؤل: ما هي الحالات التي يجوز فيها الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا؟ يجيز النظام الطعن فقط عند وجود مخالفة للشريعة، أو تعارض مع الأنظمة والأحكام السابقة، أو في حال تجاوز الاختصاص، أو إذا شاب الحكم فساد أو قصور في أسبابه.
إجراءات تقديم الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا
حتى يكون الطعن مقبولًا أمام المحكمة الإدارية العليا، لا بد من الالتزام بإجراءات محددة نص عليها نظام المرافعات أمام ديوان المظالم، وهي خطوات دقيقة تهدف إلى ضبط العملية القضائية وضمان جديتها.
أهم إجراءات التقديم:
- إعداد صحيفة الطعن مشتملة على بيانات الحكم وأسباب الطعن بالتفصيل.
- تقديم الصحيفة خلال 30 يومًا من استلام الحكم، وإلا سقط الحق في الطعن (المادة 33).
- إيداع الطعن عبر محكمة الاستئناف الإدارية التي أصدرت الحكم، ليُحال بعد ذلك إلى المحكمة الإدارية العليا (المادة 45).
- تسجيل الطعن إلكترونيًا عبر بوابة معين القضائية لتيسير الإجراءات وتسريعها.
- إرفاق المستندات الداعمة مثل: صورة الحكم المطعون فيه، وكالة المحامي، وأي وثائق مؤيدة (المادة 46).
هنا قد يتساءل البعض: كيف يُقدَّم طلب الطعن؟
الجواب أنه يُرفع بصحيفة طعن عبر محكمة الاستئناف، أو مباشرة عبر “معين” إلكترونيًا. أما عن المهلة، فهي محددة بـ 30 يومًا فقط من تاريخ تسلم نسخة الحكم، وهي مدة صارمة لا يقبل تجاوزها.
وعليه، فإن الالتزام بالإجراءات والمهلة الزمنية بدقة يُعتبر أساسًا لقبول الطعن، وإلا عُدّ الطعن غير مقبول شكلاً مهما كانت قوة أسبابه.
قرارات المحكمة الإدارية العليا وآثارها
تُعد قرارات المحكمة الإدارية العليا الكلمة الفصل في المنازعات الإدارية، إذ ترسم حدود العدالة النهائية وتضمن تطبيق الشريعة والأنظمة بصورة منضبطة.
أهم آثار قرارات المحكمة الإدارية العليا:
- نقض الحكم إذا ثبت مخالفته للشريعة أو النظام.
- إعادة القضية للمحكمة الأدنى للفصل فيها مجددًا، مع الالتزام بما قررته المحكمة العليا (المادة 58).
- تأييد الحكم إذا تبين صحته من الناحية النظامية.
- الحكم في الموضوع مباشرة إذا كان النقض للمرة الثانية أو إذا كان صالحًا للفصل فيه.
- اعتبار الحكم الصادر عنها نهائيًا وباتًا لا يقبل الطعن إلا بطلب إعادة النظر في حالات محدودة (المادة 59).
وهنا قد يُطرح الكثير من التساؤلات: أولاً: هل حكم المحكمة الإدارية العليا نهائي؟ الجواب نعم، فهو حجة على الجميع ويغلق باب التقاضي إلا في نطاق ضيق لإعادة النظر.
أما التساؤل الثاني: ما الآثار القانونية لنقض الحكم؟ فهي إما إعادة القضية إلى المحكمة الأدنى لإصدار حكم جديد، أو حسم النزاع نهائيًا مباشرة إذا كانت القضية صالحة للفصل.
وعليه، فإن أحكام المحكمة الإدارية العليا لا تمثل مجرد مراجعة شكلية، بل هي ضمانة لاستقرار النظام القضائي وتوحيد الاجتهاد، بما يعزز الثقة في العدالة الإدارية
أهمية الاستعانة بمحامٍ في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا
مرحلة طعن أمام المحكمة الإدارية العليا تُعد من أدق المراحل القضائية، إذ لا تُقبل إلا وفق شروط صارمة وتحت نظر متخصصين في الرقابة على سلامة الأحكام. ولهذا، يُستحسن أن يُدار هذا المسار بواسطة محامٍ مختص يمتلك الخبرة الكافية في قضايا النقض الإداري.
متى يجب توكيل محامي في السعودية؟
الاستعانة بمحامٍ في قضايا الطعن ليست رفاهية، بل ضرورة عملية لتجنب الأخطاء وضمان قوة المرافعة. ومن أبرز الأدوار التي يقوم بها المحامي:
- إعداد مذكرات قانونية متكاملة تتضمن حججًا قوية.
- صياغة أسباب الطعن بأسلوب احترافي ومنضبط نظاميًا.
- استبعاد الأسباب غير المقبولة قانونًا لتفادي رفض الطعن.
- تقديم تحليل قانوني معمق يكشف أوجه القصور أو التعارض.
- متابعة المدد النظامية بدقة، حتى لا يسقط الحق في الطعن شكلاً.
الأسئلة الشائعة حول طعن أمام المحكمة الإدارية العليا
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في السعودية يمثل أعلى درجات التقاضي الإداري، ويُعد وسيلة لمراجعة الأحكام النهائية في حالات مخالفة الشريعة أو النظام، أو وجود قصور أو تعارض. وتبرز أهمية المحامي هنا لصياغة صحيفة طعن قوية تضمن استيفاء الشروط الشكلية والموضوعية.
إذا كنت بحاجة إلى دعم قانوني متخصص في هذا المجال، يمكنك التواصل مع محامي الطائف عبر زر الواتساب أسفل الشاشة أو الضغط على خيار اتصل بنا للحصول على استشارة قانونية دقيقة تساعدك في تقوية موقفك أمام المحكمة الإدارية العليا.
مواضيع ذات صلة: القضايا الإدارية في ديوان المظالم السعودي، وأيضاً أسماء وأرقام أفضل محامي ديوان المظالم، وكذلك استئناف حكم إداري في السعودية.
المصادر:
- نظام المرافعات أمام ديوان المظالم.

مستشار قانوني متخصص في القانون السعودي.
ينشر مقالاته بشكل دوري في الموقع.
يكتب في مختلف مجالات القانون السعودي: كالقانون الجزائي, التجاري, الأحوال الشخصية, كتابة اللوائح والاعتراضات والمذكرات القانونية.